ما زلت كما أنت يا صغيري.. هشًا. ظلمت نفسك بترويضها وقسوتك عليها. ما زلت ترفض أن تعيش سنك وترسم لنفسك عمرًا أكبر من ذلك الحقيقي الذي لم تره يومًا كذلك. قد يُعجب الآخرون بتفتحك قبل الموعد. قد تُعجب بنفسك لنجاحك في نيل رضاهم، ولكن هل ترضى؟ هل ترتوي روحك العطشى للأفضل دومًا؟ تتوق لترى نفسك -في كل يوم- أفضل من سابقه، وأبدًا لم تترو أو تمهل نفسك فرصة لالتقاط الأنفاس. ما زلت -بالرغم من نضجك المزعوم- هشًا؛ ما إن يطرأ جديد -قد يسر أو يحزن- تستجيب. سريع التأثر كما عهدتك.. تكفيك مجرد كلمة حلوة أو ربتة حانية على ظهرك لترسم على شغتيك بسمة رغم تشققهما من كثرة الآهات، وتكفيك قرصة -أو مجرد كلمات توبيخ- لتبكي وتندب سوء حظك الذي جعلك تخطيء التفكير. كثيرًا ما أشفق عليك وأنا أراك محاولاً إرضاء من حولك متناسيًا أنك لن تستطيع إرضاء الجميع أو نيل مودتهم؛ أين إذًا منطقة سوء الفهم لديهم؟
صغيري.. ما زال أمامك الكثير لتتعلمه في هذه الحياة.. لم يكن الطريق أبدًا ممهدًا للسائرين من أمثالك. لن تكون الرحلة سهلة إن تعجلت الوصول واستثقلت حقائبك التي تمتليء رويدًا رويدًا. أشعر بك تتحسس الأرض بقدميك وأنت تخطو خطواتك الأُوَل. أشعر بك ترفرف بجناحيك منبهرًا بضوء الشمس حين تتراقص الظلال أمامك على الأرض. ألمح في عينيك تصميم على مواصلة الطريق رغم الصعاب؛ فأنت تعلم أنه لا بديل له وأنك -بالفعل- تمتلك الثمن ومستعد لتدفعه بكل رضا.
صغيري.. أغمض عينيك. دعني أدغدغ كيانك بقبلاتي المشتاقة. أغسل جناحيك الصغيرين بدموعي المشفقة. أجفف دموعك بخصلات شعري. آخذك بين ذراعيّ فأحس بقلبك الصغير ينبض بداخلي. أتغافل عن ارتجافة -أو اثنتين- قد تعصف بهدوئك؛ أربت ظهرك فتنبسط ملامحك وتعود الابتسامة.. أريدك أن تترك النور ليملأ جوفك المظلم. دعه ينسل من بين ثنايا الجسد. عبر مسام الروح. ولا تعبأ بالألم الذي قد يراودك في البداية. سلم لي نفسك.. أنت تؤمن بأنك لن تضل ما دمت ممسكة بيدك..
صغيري.. اخلد إلى النوم.. سأدع الملائكة تحملك وتهدهدك بأجنحتها. تُغسِّلك بالمسك. ترسم لك -في المنام- معالم أول الطريق حتى إذا استيقظت وفتحت عينيك تشعر وكأنك مشيت ذلك الطريق قبلاً. ولن أنسى أن أريك حبيبتك في آخر الطريق -بدون تفاصيل- لأزيد من اشتياقك لإكماله. الآن.. أغمض عينيك وأرخ الستائر الثقيلة على عقلك المكدود.. اترك نفسك لمد الأحلام ولا تقاوم.. فها أنا هنا بجوارك أمنحك ما كنت تفكر فيه منذ لحظات..
"عارفة أنا محتاج إيه دلوقتي... حضن!!"
No comments:
Post a Comment