Thursday, June 19, 2008

شيء من حياة

لم يلحظ أحد تلك اللمعة في عينيه عندما نهض متأهبًا للرحيل. ولا حتى هي. احتضن حقيبته ليهديء دقات قلبه. أدار ظهره لهم، لها، لليوم بأكمله. مضىفي طريقه بخطوات رتيبة واسعة وعقله تائه وسط مشاهد متفرقة من أحداث الأشهر الماضية. يقف على المحطة. يحتمي بزجاج نظارته الداكن الذي يبتلع نصف وجهه. جفف بمنديله دمعة كادت تنزلق من تحت النظارة. جفف جبهته ليداري ارتباكه. تلفت حوله ليتأكد ان لا أحدًا يتابعه كالعادة.ا

بمجرد أن وصل البيت ارتمى على الكنبة متجاهلاً صرخات أمه بالداخل. "هاتبهدل الكنبة اللي لسة متنجدة بعرقك ده". أغمض عينيه. يتمنى أن يتوقف الدوار للحظات. ذلك الخدر الذي يسري في أطرافه. يتوغل نحو الأعلى متجاوزًا كل الحدود. نحو قلبه. نحو عقله. يفقد تماسكه تدريجيًا. يزيد الدوار مع حضور صورتها. نظرته في عمق عينيها. هو يعرف جيدًا أنها لا تفهمها. هم. هن. هو. هي. أنا..

"إنت لسة ماغيرتش هدومك!!"

ينتفض. نسى كالعادة ألا ينهض بسرعة. كاد يسقط لولا أن اعتمد بجسده على المكتبة. يجر قدميه في الطرقة القصيرة. يفتح الصنبور. تحرر من ملابسه المبتلة. وضع يده تحت المياه. سحبها بسرعة. خفف من سخونة الماء قليلاً. أعادت إليه رائحة "الشاور چل" شيئًا من الحياة. تذكر أنه لم يقترب منها كفاية ليعرف العطر الذي تضعه. لعلها تحب اللاڨندر مثله؟ فتح الماء البارد على آخره. تفاجأ تمامًا. أحس بأنفاسه تنخطف. حبس شهقته بداخله..

يزيح كومة الملازم الورقية من على المكتب. يبعد الكرسي. لا يجلس. يجذب دفتر مذكراته. يفتحه بعشوائية. لا يقرأ. لماذا هذه الصفحة تحديدًا التي تتذكر عينيه كل تفاصيلها! لا يجيب. أدار الكرسي قليلاً. استلقى مثقلاً بكثير من الأسى. وضع قدميه على المكتب – اليمنى فوق اليسرى. شبك كفيه وراء رأسه. حدق في السقف بعدما أطفأ الأنوار. لا يشعر باقتراب فتاة معتدلة القوام في تأنٍ. تسبقها رائحة حبهان عطرة تخدر أطرافه في كل مرة. لا يشعر بيديها الدافئتين تحوطان رقبته. ذراعيها تحتضنانه. وعلى كتفه يستلقي رأسها. تقبله بين عينيه. ويدها تضع شيئًا ما على المكتب.

2 comments:

Samar Ali said...

3mooooooooooooor!
gamela awiiiiii!!
ana 3agbeny esm el blog awi kman

Amour said...

samooor! ezzay ana kol dah makontsh shoft el comment bta3ik :D